تقول
: إن نفسي تريد الرجوع إلى خالقها، تريد الأوبة إلى فاطرها، لقد أيقنت أن
السعادة ليست في اتباع الشهوات والسير وراء الملذات، واقتراف صنوف
المحرمات..
ولكنها مع هذا لا تعرف كيف تتوب؟ ولا من أين تبدأ؟ وأقول
لك: إن الله تعالى إذا أراد بعبده خيراً يسر له الأسباب التي تأخذ بيده
إليه وتعينه عليه، وها أنا
بعض الأمور التي تعينك على التوبة وتساعدك عليها:
1-
أصدق النية وأخلص التوبة: فإن العبد إذا أخلص لربه وصدق في طلب التوبة
أعانه الله وأمده بالقوة، وصرف عنه الآفات التي تعترض طريقه وتصده عن
التوبة.. ومن لم يكن مخلصاً لله استولت على قلبه الشياطين، وصار فيه من
السوء والفحشاء ما لا يعلمه إلا الله، ولهذا قال تعالى عن يوسف عليه
السلام: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين [يوسف:24].
2- حاسب نفسك: فإن محاسبة النفس تدفع إلى المبادرة إلى الخير،
وتعين على البعد عن الشر، وتساعد على تدارك ما فات، وهي منزلة تجعل العبد
يميز بين ما له وما عليه، وتعين العبد على التوبة، وتحافظ عليها بعد
وقوعها.
3- ذكّر نفسك وعظها وعاتبها وخوّفها: قل لها: يا نفس توبي
قبل أن تموتي ؛ فإن الموت يأتي بغتة، وذكّرها بموت فلان وفلان.. أما
تعلمين أن الموت موعدك؟! والقبر بيتك؟ والتراب فراشك؟ والدود أنيسك؟...
أما تخافين أن يأتيك ملك الموت وأنت على المعصية قائمة؟ هل ينفعك ساعتها
الندم؟ وهل يُقبل منك البكاء والحزن؟ ويحك يا نفس تعرضين عن الآخرة وهي
مقبلة عليك، وتقبلين على الدنيا وهي معرضة عنك.. وهكذا تظل توبخ نفسك
وتعاتبها وتذكرها حتى تخاف من الله فتئوب إليه وتتوب.
4- اعزل
نفسك عن مواطن المعصية: فترك المكان الذي كنت تعصي الله فيه مما يعينك على
التوبة، فإن الرجل الذي قتل تسعة وتسعون نفساً قال له العالم: { إن قومك
قوم سوء، وإن في أرض الله كذا وكذا قوماً يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله
معهم }.
5- ابتعد عن رفقة السوء: فإن طبعك يسرق منهم، واعلم أنهم
لن يتركوك وخصوصاً أن من ورائهم الشياطين تؤزهم الى المعاصي أزاً، وتدفعهم
دفعاً، وتسوقهم سوقاً.. فغيّر رقم هاتفك، وغيّر عنوان منزلك إن استطعت،
وغيّر الطريق الذي كنت تمر منه... ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: { الرجل
على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل } [رواه أبو داود والترمذي وحسنه
الألباني].
6- تدبّر عواقب الذنوب: فإن العبد إذا علم أن المعاصي
قبيحة العواقب سيئة المنتهى، وأن الجزاء بالمرصاد دعاه ذلك إلى ترك الذنوب
بداية، والتوبة إلى الله إن كان اقترف شيئاً منها.
7- أَرِها الجنة والنار: ذكّرها بعظمة الجنة، وما أعد الله فيها لمن أطاعه واتقاه، وخوّفها بالنار وما أعد الله فيها لمن عصاه.
8-
أشغلها بما ينفع وجنّبها الوحدة والفراغ: فإن النفس إن لم تشغلها بالحق
شغلتك بالباطل، والفراغ يؤدي إلى الانحراف والشذوذ والإدمان، ويقود إلى
رفقة السوء.
9- خلف هواك: فليس أخطر على العبد من هواه، ولهذا قال
الله تعالى: أرءيت من اتخذ إلهه هواه [ الفرقان:43]. فلا بد لمن أراد توبة
نصوحاً أن يحطم في نفسه كل ما يربطه بالماضي الأثيم، ولا ينساق وراء هواه.
10-
وهناك أسباب أخرى تعينك أخي الكريم على التوبة غير ما ذُكر منها: الدعاء
الى الله أن يرزقك توبة نصوحاً، وذكر الله واستغفاره، وقصر الأمل وتذكر
الآخرة، وتدبر القرآن، والصبر خاصة في البداية، إلى غير ذلك من الأمور
التي تعينك على التوبة